هكذا دخلت الخواجية إلى السوق مبتسمة شاعرة بأهمية جسدها الأبيض الذي يمور بالصحة
والنظافة والرائحة العطرة وهى تقتحم بأنفها روائح السوق .. العطارة والنعناع والدلكه والبخور
والدهن والجبنة والبن المحمص بالحبهان والتمباك والجلد المدبوغ ورائحة العرق الأفريقي التى لا
تخطئها الأنف .. رائحة الجلد الذي يفرز رائحته المختلطة بكل الروائح التى تشع فى هواء السوق
الذي بدأ يسخن تحت أشعة الشمس . لم تحس بتلك الأيدي الوجلة التى مسحت بسرعة ودربة على
ردفيها ، وحينما بدأت تحس كانت الايدى الوجلة لم تعد وجلة إذ أحاط بها منذ لحظة إشعاع جسدها
فى هواء السوق مجموعة من الأولاد " الشماسة " يرتدون الجلاليب أو الشورتات المهلهلة على
اللحم ، يتقافزون حولها ، تحس بهم دون أن تراهم خاصة حينما توقفت فجأة مضطرة ، ليعبر من
أمامها حمالون يهرولون منحنين تحت أجولتهم ليلتصق بها عن عمد من الخلف جسد حار منتصب
قضيبه أحست به يتوغل كالسهم الملتهب داخل ثوبها القطني الأبيض وسروالها الحريري الصغير
ليستقر فى المسافة التى تفصل الردفين وتصلهما . ألتفتت مذعورة وقد تماوجت خلفها وحولها وجوه
سمراء وسوداء بدت لها لحظتها قاسية ، تلك القسوة اللام بالية التى كثيرا ما شاهدتها فى أفلام
التليفزيون التسجيلية ونشرات الأخبار ، وجوه لأجساد مثخنة بجراح الحرب أو أنهكها جوع الجفاف
.
الصوت النسائي الحاسم الذي لحق به الجسد اللحمي القوى الأسمر منحسر عنه الثوب الأزرق
هو الذي أنقذها وهش الأولاد من حولها ، كما يهش الرحالة الكلاب النابحة عن مخيمه . ضمتها
حانية بين ذراعيها القويتين وساقتها إلى حيث تجلس خلف قفص خضرواتها وهى تهدر طوال
الوقت بحديث سريع وتربت على ظهرها حتى أجلستها على صندوق شاى خشبي قديم ونادت ست
الجبنة التى تبيع الجبنة والشاى على مقربة منها أن تحضر لهما شاي بالنعناع . لم يمض وقت
طويل حتى تبادلتا الابتسام والاشارات ، فالموظفة كانت قد التحقت بدورة سريعة مكثفة لتعلم
العربية فى لندن حينما علمت بنبأ عملها بالسفارة فى السودان ، لكنها بالتأكيد لم تتعلم اللهجة
السودانية وقد اكتشفت هذا من الابتسامات المؤدبة أو النظرات المندهشة للسودانيين الرسميين الذين
حاولت أن تحدثهم ب " لغتهم " مثل أي كولونيالى سابق طيب ، لكنهم دائما يهزون رؤوسهم بصبر
ويتحولون إلى إنجليزية أكسفورد أو كامبردج .
شربت الشاى شديد الحلاوة ممتنة ، ونادت الغرباوية على رجل فى منتصف العمر وطلبت
منه ان يوصل الخواجاية حتى مدخل بيتها ، وحاولت هي أن تدس بعض النقود فى يد الغرباوية ،
لكن هذه رفضت باصرار وقد احمرت عيناها من الغضب ، وربتت مرة أخرى هذه المرة دون أن
تبتسم على ظهر الأجنبية وهى تضعها فى أيد أمينة .
حينما وقفت تحت الدش بعد أن أوصلها الرجل حتى مدخل البيت قالت لنفسها وهى تراقب
الماء ينسال مع الصابون المعطر فوق وداخل تجاويف ومنحنيات جسدها ، قالت : كادوا أن
يغتصبونى فى السوق . أولاد العواهر .. كادوا أن يغتصبونى . لكنها لم تكن غاضبة أو حتى مستاءة
. فمع أن أحدا لم يغتصبها من قبل ( كانت هناك محاولات بريئة من جانب بعض الأولاد قليلي
الخبرة ) إلا أنها كانت تعلم بحكم خبرتها هي أن أشياء مثل هذه يمكن حدوثها أحيانا من " الاهالى
" كانت مندهشة إلى حد كبير من عدم إحساسها حتى بالقرف بعد زوال الصدمة .
كانت مندهشة أيضا من أن جسدها وهو يشرف على الخمسين مازال يثير الرغبة فى الرجال
وخاصة الأولاد الصغار .. الأولاد الصغار فى عمر ابنتها .
وفى مساء اليوم نفسه أتت الغرباوية إلى البيت تحمل قفصا صغيرا من المانجو وقد رفض
الحارس أن يسمح لها بالدخول ، وسمعت هي من الداخل صوتها العالي تحاججه ، فخرجت إلى
الشرفة وتعرفت عليها ودعتها للدخول .
ومنذ ذلك المساء أصبحت الغرباوية تأتى لزيارتها بانتظام بعد إغلاق السوق ، أحيانا تبيت
ليلتها فى الغرفة الصغيرة المخصصة لمبيت الخدم والتي لا يستخدمها أحد الآن . أحيانا كانت تأتى
لتقيل ساعة القيلولة فتهجع فى العشة الصغيرة الملحقة بالحديقة .تقبلها الحارس والسفرجى والجناينى
على مضض بعد أن تلقوا تعليمات صارمة وحاسمة من الأجنبية بحسن معاملتها .
فى المساء الأول دخنت الغرباوية البانجو فى غليونها الطينى الصغير . عزمت على مضيفتها
التى قبلت بعد تردد خوفا من أن تسيء إلى مشاعر ضيفتها أو هكذا قالت لنفسها . أحست براحة
حلوة بعد أنفاس قليلة .. التهمت المانجو زكى الرائحة دون أن تستعمل الشوكة والسكينة بل نزعت
القشرة بأسنانها ومصت الرحيق منها وطوحت بها إلى الحديقة . الغرباوية تجلس على أرضية
الفراندة الحجرية المرشوشة الرطبة ، وقد فرشت ثوبها تحتها فبان جسدها القوى اللحمي من
الفستان القصير المتحرر من الثوب ، بينما تجلس هي على الأريكة التى تطل على النهر .. تمددت
وقد ألقت بخفها المنزلي بعيدا وركنت ساقا على مسند الأريكة ، بينما الساق الأخرى مازالت فى
الخف فوق أرضية الفراندة . أحست بثوبها المنزلي القصير ينحسر حتى بطنها حاولت أن تشده
ضاحكه إلى فخذها ، لكنها لم تفلح . ضحكت المرأتان وهما تدخنان البانجو . تذكرت هي زجاجة
الويسكي الموضوعة على المائدة بجوارها . صبت فى الكأس من الزجاجة وسحبت مكعبات الثلج
من الدلو. أخذت رشفة ومدت الكأس الغرباوية التى أخذت رشفة شجاعة.
من الشاطئ الآخر أتت أصوات ضربات و إيقاعات الدلوكة تحملها الأمواج .
أحست باليد القوية الصلبة تدلك قدمها بعد أن نزعت اليد الخف عنها . أحست بقدمها فى حجر
الغرباوية بين اللحم الرطب للفخذين اللذين يتماوجان الآن مع حركة التدليك . أصابع اليد قوية
وباردة ( من الكأس المثلج ) تمس مواطن الألم فى القدم والكاحل . قدمها المسكينة - كما تقول هي
– التى تتورم بسرعة من الحرارة حتى لو كانت تضع الصندل الخفيف . قدمها المسكينة تعانى
كثيرا من الأحذية الضيقة خلال ساعات العمل الطويلة وفى الحفلات الدبلوماسية. قدمها المسكينة
الآن تتنفس وتتنهد تحت الأصابع المدربة .لا إراديا تسحب قدمها خجلة ومكسوفة وضاحكة بارتباك
. حركة قدمها السريعة المفاجئة أطاحت بالكأس نصف الممتلئ الموضوع على الأرض . سمعت
صوت الزجاج الهش يتحطم فوق الأرضية الحجرية ؛ هبت منزعجة مرتبكة لكنها لم تنزل من
فوق الأريكة ، إذ رأت ما تبقى من ضوء المساء المغبش الغرباوية تنهض بخفة غير متوقعة من
جسد لحيم ضخم كجسدها ، وتجمع شظايا الزجاج المتناثر بسرعة ودربة وتضعه فوق المائدة .
تمددت مرة أخرى وهى تغمغم بالانجليزية " إلى الجحيم " ضحكت المرأتان .
فى المرة التالية تعشتا سويا ، ودخنتا من الغليون الفخاري ، وأصرت هي أن تعطى الغرباوية
بعض النقود وهى تقول " بانجو .. قروش .. بانجو .. قروش " . وهزت الغرباوية رأسها فاهمة
وهى تدس النقود بين ثدييها . تابعت هي بعينيها المخبأ اللحمى للنقود مندهشة ، وهى ترى النقود
الورقية تختفي بسرعة فى تجويف الصدر الأموي . لمحت الغرباوية دهشتها فابتسمت جادة وربتت
على صدرها ثم مدت يدها وربتت على صدر الأخرى .. نظرت كل منهما للأخرى بجدية وحذر .
مازال جزء من اليد السمراء على اللحم الأبيض وجزء على قماش الفستان . قالت الغرباوية :
ممكن ؟ كانت الكلمة سؤلا وفضولا ولهفة .. مازالتا تنظران إلى بعضهما . هزت الأخرى رأسها
مستجيبة ويداها مدلاتان على جانبيها . مدت الغرباوية يدها وأخرجت الثدي الذي لمع بياضه فى
ضوء المساء المغبش . شالته من تحت المشد القطني الخفيف برفق حاسم بحركة واحدة سريعة
انبثق بدهشة بريئة تماثل دهشتها وهى تتأمل نصوعه الذي ينتهى عند وردته التى أخذت تنهض من
طيات اللحم الوردى والبنى الداكن .. ثدى امرأة حملت وأرضعت ثم تركت وسافرت معطية إياه
لشفاه كثيرة أخرى وأيد متلهفة عاصرة . بيدها الأخرى ، وهى ما زات ممسكة به ، سحبت الثدي
الآخر . مسدتهما المرأة برفق حتى تصالبا وانتفخا ينهضان ببطء مع تنفسها العميق السريع.مدت
هي يدها وأمسكت بيدي الغرباوية ، وضغطت بهما على ثدييها وهى تغمض عينها ، وتحس بجسد
الغرباوية يميل فوقها يدفعها بحسم ان تتمدد بكل جسدها الأبيض على الأريكة وتمددها فوقها وهى
مازالت تمسك بثدييها.
تعرف ان يدا مدربة ألان تنضو عنها لباسها التحتاني و تقبض على فرجها بقوة جعلتها تشهق و
ترفع بحركة لا إرادية نصفها السفلي لتضرب به الفراش الخفيف فوق الأريكة ..كادت ان تقول
بكل اللغات التي تعرفها لا تفعلي ذلك ارجوكي .. لكنها لم تقل شيئا و أطاعت حركة الغرباوية
الآمرة و هي تشعر بلحمها اللحمي البارد يعتصرها حتى تصالبا وانتفخا ينهضان ببطء مع تنفسها
العميق السريع.مدت هى يدها وأمسكت بيدى الغرباوية ، وضغطت بهما على ثدييها وهى تغمض
عينها ، وتحس بجسد الغرباوية يميل فوقها يدفعها بحسم إلى الأريكة وتمددها فوقها وهى مازالت
تمسك بثدييها.
تعرف ان يدا مدربة الان تنضو عنها لباسها التحتاني و تقبض على فرجها بقوة جعلتها تشهق و
ترفع بحركة لا إرادية نصفها السفلي لتضرب به الفراش الخفيف فوق الأريكة ..كادت ان تقول
بكل اللغات التي تعرفها تفعلي ذلك ارجوكي .. لكنها لم تقل شيئا و أطاعت حركة الغرباوية
الآمرة و هي تشعر بلحمها اللحيم البارد يعتصرها .
أتت الغرباوية بعد أسبوع من زواجها إلى الخرطوم حيث يعمل زوجها (كان يعمل) سائقا
للباصات التى تقل المسافرين من أم درمان الى نيالا فى أقصى الغرب السودانى عبر رحلة تستغرق
ما بين ثلاثة وخمسة أيام . هو ابن عمها ومتزوج من قريبة لهما من جبل مرة فى الغرب أيضا .
سكنت المرأتان فى المسالمة فى أم درمان فى بيت بحوش كبير ، وبه أشجار للنيم والسيسبان والتمر
حنه . بعد تسعة شهور أنجبت له ابنهما الأول (الزوجة الأولى عاقر ) وفى السنة الثانية أنجبت
البنت الاولى . بعد خمس سنوات أصبح لهما ولدان وبنتان . بعد شهر من ولادة البنت الثانية سافر
الزوج ذات صباح فى رحلته المعتادة إلى نيالا . لكنه لم يرجع أبدا . قيل إنه قتل برصاص قطاع
الطرق ، وقيل إنه قتل برصاص عسكر الحكومة التى تهاجم الغرب بعد أن اشتعلت فيه الثورة ضد
عسكر الخرطوم .. والمؤكد أنه مات . رجعت الزوجة الأولى لأهلها فى الغرب واستمرت الزوجة
الثانية فى الخرطوم ، باعت أسورتها الذهبية وإشترت خضراوات وأعطاها الرجال من الغرب ،
الذين يعملون فى السوق مكانا وحماية . وأجرت الغرفة التى خلت برحيل الزوجة الأولى لشاب من
الغرب أيضا قريب لها من بعيد جاء الى الخرطوم يبحث عن عمل . فى حوالى الثامنة عشرة من
عمره . هى فى الثلاثين من عمرها . أصبحت أنثاه الأولى . هى التى أخذت القرار كعادة نساء
الغرب .. نادته فى الليل بعد أن نام أولادها ، وأفسحت له مكانا فى فراشها وجسدها.
أخذته إلى الشركة التى كان يعمل بها زوجها ، وطلبت منهم أن يعلموه قيادة السيارات . كانت
تدخر النقود لتشترى سيارة تاكسي قديمة ، وتدعه يعمل عليها .
لها عشيق آخر ، من الغرب أيضا ، يعمل سائقا فى ذات الشركة . كل من الرجلين يعلم بعلاقة
الآخر بها . ويتقبلها برضى ، فالمرأة فى " الغرب " هى التى تحدد من تريده من الذكور
وتضاجعهم بعلانية يقبلها المجتمع هناك ، والذي ما زال يحمل رجاله ونساؤه التقاليد القديمة
ويمارسونها حتى وهم على بعد آلاف الأميال من جبل مرة .
أحست الغرباوية بأسى رقيق لجسد المرأة البيضاء العاري المستلقي على الأريكة التى يغمرها
ضوء القمروتغلفها دقات الدلوكة القادمة من الشاطئ الآخر . هى تعرف الجسد حينما يكون
كالأرض العطشى .. ذكرا كان أم انثى . تعرف أيضا جسدها وتهدف لإروائه من رجليها كما
ترويهما أيضا من جسدها الذى لم تنضب ينابيعه بعد . تعرف ماذا تعنى كلمة " بعد " فهي قد رأت
النساء فى حلتها يعافهن الرجال حينما يقتربن من الأربعين ، فتتهدل صدورهن فجأة بعد أن كانت
ممتلئة وتتدلى متهاوية فوق بطونهن .. تخف صلابة أردافهن وتتهاوى طيات اللحم فوق الأفخاذ .
حينما شالت ثدييها بيدها ، كانت تفعل ذلك كما تفعل فى سوق الخضار وهى تقلب البطيخ
والشمام والمانجو . تجس بالأصابع وتقلب بالكف بخفة وتعرف مواطن العطب . عرفت أن البيضاء
، التى تحبها الآن مثل أختها ، تعبر الجسور الأخيرة لامرأة لم تكن ابدا جميلة ، لأنثى لم ترتو من
قبل بماء الحياة النازل من ظهور الرجال الذين " خلقهم الخالق لنا نحن النساء لكى نأخذ مائهم
نروى به شقوق أرضنا قبل ان يعافونا فتنغلق شقوقنا على فتحاتها ونعطيهم نحن رجولتهم وسبب
وجودهم وفخارهم وزهوهم ، حينما تصبح الواحدة منا والرجل فوقها راكبها تخمشه وتعضه وتشده
إليها . هذا هو قانون الدنيا وهذه هى سنتها " .
أما شغل النساء مع بعضهن فهذا " كلام ساكت " .. هكذا فكرت الغرباوية وهى تمسك صدر
البيضاء العاري المستلقي على الأريكة التى يغمرها ضوء القمر وأصوات الدلوكة " كلام
ساكت يا زول . ما منه فايدة لا يرو ولا يشبع . ده شغل النسوان التعبانة اللى ما ليهن شغله " .
" طيب والحل شنو.. شنو الحل .. بسيطة .. وحياة القبة بسيطة . بكرة إن شآء لله أجيب الحل
" . هنا ضحكت الغرباوية . كانت تجلس بنصف جسدها على الأريكة ومازالت بفستانها القصير .
ابتسمت البيضاء ابتسامة واهنة وهى تفكر لو رآني مستر تشرشل الآن ؟! وضحكت هى الأخرى .
قالت الغرباوية " اليوم يا سمحة أسوى ليكى شغلانه ثانيه . دلكة أ صلى دلكة نسوان الجبل ما
دلكة نسوان الخرطوم الخيبانه . ولو أنا راجل ولله وحياة القبة كنت أكلتك أكل ما أخلى فيكى
عضمه إلا وموجوعه وما أخليكى إلا لما تاكلى الهوا "
لم تفهم الدبلوماسية كلمة واحدة ، لكنها ضحكت بجذل وقالت لها بالانجليزية " فعلى ما تريدين
يا سيدتي السوداء السمينة الحلوة فأنت الآن سيدتي ... ألم تنقذيني فى السوق من أولاد العواهر لكى
أصبح تابعتك المطيعة تأتين بالبانجو وتدلكين لي قدمي المسكينة وتعصرين ثديي . ألا تعرفين أنى
مثل مريم العذراء لم يمسنى رجل منذ أكثر ثلاث سنوات . لقد آخر الرجال أولاد القحبة الذين
عصروا ثديي لآخر مرة . كان ذلك يا حلوتى من ثلاث سنوات .. لليلة واحدة ، مغامرة عابرة . أو
لعلك تعرفين حينما أخرجتهما من سباتهما الطويل بأصابعك القوية ؟ لكنك لم تقبلينهما كما فعل
الأمير مع الجميلة النائمة لتردى الحياة لهما . إفعلى ما تريدين بى " .
قالت هذا وضحكت طويلا . لم تكن ضحكة آسيانه أو حزينة أو .. أو .. ضحكة طفل ذكى
يحب المفاجآت السارة .
لم تفهم الغرباوية بالطبع كلمة واحدة ، لكنها أصغت باهتمام وتركيز لإيقاع اللغة . قالت
لنفسها نفهم بعضنا جيدا فمنذ أن مسدت لها ثديها ونحن نفهم بعضنا جيدا .
دلكتها الغرباوية ببطء وتمهل مبتدئة بأصابع قدميها وهى تهمهم بتراتيلها الخاصة ، مصغية
إلى الدلوكة القادمة من الشاطئ الآخر . ثم شالتها نصف نائمة الى غرفتها ، عارية ، وسدتها
فراشها.مدت البيضاء يديها وقبلت يدي المرأة السمراء قبل أن تروح فى النعاس اللذيذ .
روث فرديناند كريستوفر التى تحمل جواز السفر الدبلوماسي البريطاني والملحقة بالسفارة
البريطانية فى الخرطوم فى قسم التنمية والمساعدات الإنسانية والتي تحمل لقب سكرتير ثالث (
وهو من أدنى الألقاب فى الكهنوت الدبلوماسي ) لا يعطينا الملف الخاص بها والموجود فى الطابق
تحت الأرضي فى مبنى وزارة الخارجية فى لندن سوى المعلومات الرسمية عنها : تاريخ ومكان
الميلاد ..المدارس والجامعات التى التحقت بها ودرجاتها العلمية وشجرة الأسرة حتى الجد الرابع
من ناحيتي الأب والأم ، والحالة الاجتماعية ( متزوجة ثم مطلقة ولها ابنه واحدة فى الثالثة
والعشرين من عمرها ) .. تاريخ الزواج وتاريخ الطلاق .. حالتها الصحية العامة ( ليس عندها
أمراض معدية أو خطيرة ولم تجر لها عمليات جراحية ) ، لكن ملفها الوظيفي لا يهتم بتاريخها
العاطفي منذ أن كانت فى سن المراهقة ولا يحدثنا عن علاقتها بابنتها ، وقبل ذلك عن علاقتها
بزوجها ( طليقها ) سوى أن زواجهما استمر سبع سنوات وثلاثة أشهر . ملفها به تقارير رؤسائها
السابقين والحاليين ، انتظامها فى العمل ودقتها وعدم ابتكارها الخلاقة (كما وصفها التقرير )
وسلبيتها وترددها فى اتخاذ القرارات أو اتخاذها القرارات الخاطئة وعدم طموحها الواضح ( ولعل
هذا هو السبب فى أنها مازالت فى أدنى الدرجات الدبلوماسية ). التقرير لا يقول لنا شيئا عن لياليها
الطويلة المسهدة ، والقلق ينتابها من أنها ما زالت فى أدنى الدرج ، ومن أنها قد تفقد عملها ،
وبالتالي ستضطر إلى العودة الى البيت بالحديقة الخلفية الصغيرة فى ضواحي لندن أو فى الريف
البريطاني لتعيش على معاشها وعلى مدخراتها ( التى لا بأس بها ) .. لم يقل لنا شيئا عن علاقتها
الشائكة وغير المريحة مع ابنتها التى تعيش الآن فى الهند مع مجموعة من ( طلاب المعرفة )كما
يطلقون على أنفسهم .. مجموعة تحتقر كل ما تمثله المؤسسة البريطانية العتيقة بأفكارها الفيكتورية
وتقاليدها الكولونيالية ونواديها وسباق الدربي وربطات العنق وكنائسها وكتب تراتيلها وثياب يوم
الأحد والديك الرومى على مائدة الكريسماس وشاى ما بعد الظهر ..تسير حافية فى قرية صغيرة
بالقرب من دلهى خلف ( الجورو ) الهندى .. تقضى نهارها فى تأمل ، وليلها فى تذكير
نفسها باحتقارها وكراهيتها للمؤسسة الرسمية وللطبقة التى قدمت منها . التقارير لا تقول لنا شيئا
عن أن روث كرستوفر تتقدم حثيثا الى الخمسين من عمرها وأن هذا " يزعجها " وأنها تحدثت فى
هذا الشأن مع طبيبها حينما كانت مؤخرا فى لندن ، ولم تقل لنا التقارير أنها كادت أن تقول له عن "
أحلامها " الجنسية خوفا من أن يفشى سرها لرؤسائها ( فهو الطبيب المعين من قبل الوزارة فى
النهاية ) . ولم تقل له أنها بدأت مؤخرا تنظر الى الفتيان ( وليس الرجال ) بنظرات راغبة تحاول
أن تسترجع فى خيالها أجسادهم الصبية ، كما تذكرها منذ أن كانت فى المدرسة الثانوية وفى
الجامعة ، ولم تقل له إنها تحن مرة اخرى للهوجتهم وعدم خبرتهم وإحساسهم الذى ينقلونه إليها فى
كل مرة بأنهم يعيدون اكتشاف العالم من خلال جسدها . فقط هزت رأسها بأدب ، وهو يكرر لها
النصائح والإرشادات الأكاديمية الطبية بأن تأخذ الأمور ببساطة ، وأن تتناول أدوية الهرمون التى
كتبها لها بخطه المتعجل ، كلما أحست " بالقلق " - حسب تعبيره - حتى تعبر هذه المرحلة "
المؤسفة " حسب تعبيرها هى .
لم تقل له كما لم تقل لأحد لماذا تم طلاقها .
السنوات الأولى من الزواج .. فلنقل السنوات الثلاث الأولى كانت سنوات زواج " عادية "، كما
يقول المتزوجون المخضرمون . الزوج موظف أيضا فى وزارة الخارجية ، لكنه طموح "
ويعرف طريقه " إلى الدرجات العليا من الدرج الكهنوتي الدبلوماسي . يحب الحفلات والثياب
الأنيقة والوشايات غير الضارة وتملق الرؤساء .. والجنس . كانت بينهما علاقة قصيرة مكثفة قبل
الزواج. هما متقاربان فى العمر ، وينتميان إلى ذات الطبقة ، ويؤمنان بنفس الأشياء البسيطة ( أو
هكذا تخيل ) .. تكوين أسرة والتسلق المستمر الدؤوب فى الدرج الاجتماعي والوظيفي والدوران
والعيش فى الدائرة " الصحيحة " من المعارف والاهتمامات الثقافية والاجتماعية والنوادى الصحية
. ما الذى جذبه لها فى البداية ؟ جسدها ؟ بساطتها ؟ تقبلها لوضعها ؟ رغبتها فى تكوين أسرة تحمل
كل سمات طبقتهما ؟ إطلاق عنان جسدها فى الفراش وفى أماكن اخرى مثل المطبخ والحمام
والحديقة والمقعد الخلفى للسيارة ؟ .. بالتأكيد كل هذه الأشياء مجتمعه . لعله اكتشف بالتدريج ، مع
الحياة اليومية ، أنها مختلفة بعض الشئ وأنها مازالت بنت ذلك القسيس .. بنت تلك الأبرشية
الصغيرة ..أنها تحب فعل الجنس ، ومازالت بعد فتاة المقاعد الخلفية فى السيارات ودور السينما
الصغيرة شبه المظلمة . لكن الذى أهاله منها ، وأصابه بالهلع التدريجي هو " سلبيتها " فى كل هذه
الأشياء .. الطموح والأسرة والفراش والمقاعد الخلفية والمطبخ والحمام والنادي والدائرة الاجتماعية
الصحيحة . هكذا بالتدريج بدأت تترسب داخله مخاوفه من أنها غير " صالحة " للاستمرار معه فى
طريق عمره ورحله تسلقه المقدسة بالنسبة له . قال لنفسه : امرأة باردة ومحدودة . وعلى هدى هذه
النتائج بدأ يعاملها .. أو فلنقل بدأ يغير من معاملته لها .اكتشف سخرية جديدة فى علاقته اليومية بها
. لم تكن سخريه جارحه بل باردة . تعليقاته على ثيابها وطريقة أكلها وشخيرها وهى نائمة مفتوحة
الفم .. مشيتها ووزنها الذى بدأ يزداد . جهز لنفسه غرفة أخرى فى المنزل مبررا ذلك بدرجة
معقولة من الصدق بأن شخيرها يزعجه . وافقت هى بدون احتجاج وبإحساس من الذنب ( لم تقل له
أيضا أنه يشخر منذ اللحظة التى يضع فيها رأسه على الوسادة ويستغرق فى النوم مباشرة ) وهكذا
، شئ يقود إلى شئ آخر ؛ فالغرفة المنعزلة والفراش المتباعد أديا الى الإقلال من الجنس الذى
تحول إلى " واجب " لكل منهما . كانت تعرف أنه بدأ يقيم علاقات جنسيه اخرى . واجهته بذلك، لم
ينكر بل نظر إليها بتلك النظرة الساخرة الأسيانة كأنه يقول لها " وماذا تنتظرين إذن من رجل مثلى
وامرأة فى وضعك ) .. ثم جاء الطلاق . وأعقبته محاولات مستمرة وفاشلة فى معظمها لاسترجاع
ثقتها فى جسدها .. زملاء فى العمل .. رجال تلتقي بهمم للمرة الأولى فى بار أو مقهى .. أصدقاء
قدامى منذ أيام الجامعة . ثم الانغلاق التدريجي بعد الفشل المتكرر والسمعة الجديدة التى اكتسبتها .
حتى أن رئيسها لمح لها مرة برفق لكن بحسم على سلوكها . هكذا قبلت العرض للعمل فى السودان
الذى جهزه لها " الكهنة " الكبار ..إبعادها عن لندن .. جاء ذلك بعد عشر سنوات من طلاقها , وبعد
أن سافرت ابنتها الى الهند ، وبعد أن أصبح زوجها السابق رئيسا لقسم مهم فى الوزارة ( بعد أن
تزوج مرة اخرى بابنه رئيسه ) .. قبلت هى العرض الجديد بحماس ، فقد كانت تريد أيضا الابتعاد
عن كل ما يذكرها بحياتها السابقة .
***
لم تأت الغرباوية فى اليوم الثاني ، وفى اليوم الذى يليه ، لكنها أتت على غير انتظار فى اليوم
الثالث ، أتت بعد إغلاق السوق ومعها " صديقها " الشاب الذى يعيش معها فى بيتها .
كانت " روث " تجلس ملولة فى الفراندة ورأتهما وهما يدخلان من البوابة الحديدية القديمة بعد
أن تبادلا التحية مع الحارس . كانت روث قد رأت الولد ( هكذا أطلقت عليه ؛ فأسماء الأهالى
صعبه وفى النهاية من يهتم ؟ ) . فى مرة سابقة ( منذ شهر ) حينما دعتها الغرباوية لحضور حفل
زواج فى الحلة وسألت روث رئيسها إن كان ذلك مسموحا به ( بعد أن حكت له حكاية معدلة عن
علاقتها ببائعة الخضار ) ، شجعها رئيسها مبينا لها أن سياسة السفارة هى إقامة علاقات مع الأهالى
؛ وخاصة فى مجال عملها بشرط أن تكون هذه العلاقات قائمة على الاحترام المتبادل حسب تعبيره
.
ركبت معها الغرباوية فى سيارتها اللاندروفر، وقادتها الى الحلة واستضافتها فى بيتها الصغير
، وقدمتها ل " لأهلها " .. قالت عن الولد " قريبى " ، وأشارت إلى أنه سائق ممتاز . لفت الولد
نظر " روث " بوسامته الأفريقية . طويل نحيل لكنه مفتول العضل . وجهه داكن السمرة . تلك
السمرة الناتجة عن امتزاج الدم العربى بالدم الأفريقي . العينان واسعتان كحيلتان والأنف مستقيم (
ليس أفطس.. هكذا لاحظت هى ) الشعر أكرت وقصير والساقان البارزتان من الشورت الأبيض
عضلتان مستقيمتان . أحست أن الولد يرتدى الشورت على اللحم وتضرج وجهها وهى تراقب
مؤخرته الأفريقية خلف النسيج القطني الأبيض للشورت .
أحست أن العلاقة بينه وبين الغرباوية خاصة وشخصية ، وأن ذبذبة خاصة تعبر بينهما .
حاولت أن تلقى بالموضوع كله خارج اهتمامها , فى تريد أن تستمتع بالفرجة على حفل زواج لم
تتح لها الظروف أن تراه من قبل . لكنها كانت تشعر أن نظرات الولد تلاحقها . لم تكن نظرات
جنسية جائعة بل نظرات فضول ورهبة للسيدة البيضاء ذات الشعر الأشقر ( كما قررت هى ، وهى
تتذكر النظرات التى توجه إليها منذ أن قدمت للخرطوم ؛ وخاصة بعد أن صبغت الشعيرات القليلة
البيضاء وشعرها النحاسى كله بالأشقر الفاتح ).. وحينما ذهبوا جميعهم إلى " بيت العرس "
أسعدها وأرضاها الاهتمام الخاص الذى أحيطت به من كل فرد . ضيافة سودانية وكرم حقيقي .
الولد لازمها طوال الحفل .ترجم لها ما يحدث بإنجليزية بسيطة لعله التقطها من المدرسة الابتدائية
ومن السوق . لكنه كان فخورا بمهمته ؛ خاصة حين تبتسم له روث فى محاولتها الناجحة لاستيعاب
ما يحدث أمامها . كانت تجلس على مقعد خيزرانى كضيفة شرف وهو يقف بجوارها قريبا جدا منها
لابد أنه تحمحم جيدا استعدادا 􀍿 تشم رائحته النظيفة المختلطة بالصابون . قالت لنفسها : الحمد
للمناسبة . حينما بدأ موكب العروس تصاحبه البنات والزغاريد اضطرت أن تقف لكي تشاهد رقصة
البنات وضرب العريس بالكرباج على ظهره العاري . قادها الولد إلى مكان مرتفع بعض الشئ
بعيدا عن الزحام والزياط . الحفل فى الحوش الواسع المضاء بالمصابيح الكهربائية الملونة والتى لا
تقدم إضاءة حقيقية بقدر ما تضفى إحساسا عاما بالبهجة . الولد يقف بجوارها ملتصقا بها فى الزحام
. أحست بفخذه الصلبة تحتك وتلبد فى فخذها . للحظة قصيرة سحبت جسدها سنتيمترات قليلة . لعله
أحس هو برغبتها فى الابتعاد عن جسده ؛ إذ غمغم مرتبكا " سورى مدام " . رفعت رأسها إليه ،
فقد كان أطول منها بعشرة سنتيمترات على الأقل . رأت الإحساس بالأسف الحقيقي على وجهه ..
أحست هى بخجله من أنه أزعج السيدة البيضاء . ابتسمت له وقالت له بالعربية " ما مهم " حركت
يداها المدلاة بجوارها ولمست بخفه وعن عمد يده. أمسكت للحظات قصيرة بأصابعه ( أحست
بخشونتها ) .. ضغطت عليه وضحكت ضحكة صغيرة مرتبكة كانت تقصد بها غفرانا لعمل غير
مقصود . رجعت بجسدها إليه.. رجعت بفخذها ، إلى فخذه وهما مازالا ينظران الى بعضهما . يدها
التى مستها بيده مازالت مكانها وقد تحركت قليلا لتفسح مكانا للفخذين ليلتحما يبعضهما . مدت يدها
مرة أخرى إلى يده أمسكت بها وسحبتها ببطء إلى خصرها من الخلف تقودها إلى التجويف بين
الأرداف و الخصر . لم تنظر إليه هذه المرة وإحساس غريب لم تعتده منذ زمن طويل يملأ جسدها
وقد انهمر إلى ذاكرتها كمياه تجتاح سدا . تلك النظرة الساخرة الأسيانة من زوجها السابق والمرة
التى قال لها وهما يمارسان الجنس ، ثم يقوم دون أن يكمل " إلى متى ستظلين سلبية هكذا ".. ثبتت
نظرها على ظهر العريس الدامي وهو يرقص أمام حلقة البنات ، يهز ذراعه ، وهو يقول " أنا أخو
البنات " فتزغرد البنات ويحين العريس بهزات ضفائرهن وهن يقلن " أبشر.. أبشر " الدلوكة تهز
الهواء والأعطاف والأرجل والسوق والنهود فيهتز جسدها هى على الإيقاع العنيف إيقاع الأرجل
العارية التى ترتفع وتنخفض بعنف فوق الأرض المرشوشة والنهود المتأرجحة الصاعدة النازلة
فوق الأجساد التى تفوح منها رائحة المسك والدلكة . يده تشدها إليها وهى تميل بجسدها عليه . يده
تدفع بجسدها ببطء وإصرار تجاهه ، فيحتك ظهرها بصدره العاري خلف القميص لتقتحم ظهرها
حرارة لاهبة كتلك المنبعثة من حجري صوان يحتكان يبعضهما ؛ حتى يستقر جسدها المسحوب
أمامه ، وبين أردافها وحقويه مسافة تكاد أن تراها دون أن تلتفت وأن تقدرها كأنها تضع يدها
المبسوطة بينهما . لست سلبية يا ابن العاهرة . غمغمت بالإنجليزية موجهه الحديث لزوجها عبر
الدلوكة والنهر ولرؤسائها وتقاريرهم السرية وابتساماتهم المتواطئة ولرائحة السيجار وللأحاديث
الصحيحة التافهة والمسافات الدقيقة المعترف بها بين أجساد الراقصين فى حفلات الهوايت هول .
بحركة واحدة سريعة وحاسمة ونهائية أناخت بردفيها فوق انتصابه في حقويه ، ضغطت لحمها
فوق قضيبه المنصب داخل الشورت . كانت تعرف أن ردفيها اعرض من حقويه ، فاستعانت
بإيقاع الدلوكة حتى تحتويه ، محركة ساقيها بخفة حتى وجدت بغيتها . بيدها الأخرى بحثت عن يده
وتناولتها ضامة اياها الى خصرها ، شابكة بيدها الأخرى فوق اليدين المحيطتين بخصرها ضامتهما
الى أسفل بطنها ، مبقية عليهما هناك ، بينما يتحك جسداهما الآن على إيقاع الدلوكة فى تناغم بطئ
.. آلتان موسيقيتان تتبادلان حورا على جملة موسيقية واحدة ، كل آنة تنوع وتطور وتعمق الحوار
المتبادل .
لم يتحرك أحدهما من مكانه ولم يوقفا الحركة الراقصة لجسديهما ولم تفك هى إسار يديه
وحقويه، حينما وجدتهما الغرباوية التى كانت منشغلة عنهما تنقط العروس وتبشر العريس . عيناها
السريعتان الذكيتان فهمتا كل ما حدث ، ومازال يحدث . وجهها الأسمر الذى تلمع فوقه الآن
قطرات كثيفة من العرق لم يعبر عن شيء سوى تلك الابتسامة الحقيقية الحلوة حينما ترى صديقين
حميمين لك " يستمتعان بوقتهما " . قبلت روث فى خدها ، وربتت على ظهرها ، وهمست بشئ
سريع للولد الذى قال مبتسما " ما فى عوجة " . مازال كل منهما مكانه ، يرقصان داخل جسديهما .
أعطوها ويسكي بالثلج من الزجاجة التى أحضرتها معها هدية للعروس ، وهى تجلس الآن فى
نهاية الحوش تبرد عرقها وترطب جسدها والولد يجلس بجوارها يكاد يلتصق بها لكنه لا يلمسها.
يبتسم كل منهما للآخر ، لكنه حينما مد يده ليتناول الكأس الذى قدمته له روث .. كأسها الذى ذابت
فيه مكعبات الثلج وقيراطين من الويسكي خطفته الغرباوية من يده وشربته ضاحكة وهى تقول له
شيئا يشبه التحذير . ترجم هو لروث مبتسما بأنه لن يستطيع أن يشرب لأنه سيقود سيارتها مرة
أخرى عائدا بها الى بيتها . هزت رأسها وهى تلقى نظرة خاطفة على ساعة يدها . أحست بالفجر
يقترب مع أن السماء مازالت تضيئها النجوم اللامعة. ابتسمت لها الغرباوية بحنان وهى تنهض
متثاقلة تمسد ثوبها . سار ثلاثتهم إلى السيارة التى قادها الولد بينما جلست المرأتان فى المقعد
الخلفي . قاد بسرعة ومهارة وثقة وحذر . أحست أنه سائق ماهر . قالت له ذلك بالإنجليزية ،
فضحك هو فخورا وترجم ذلك للمرأة الأخرى . وصلوا البيت . نزلت هى من السيارة وقالت لهما "
خذا السيارة . ارجعا بها . تعال فى الصباح بها مرة أخرى . لا تأت مبكرا بالغد . أقصد اليوم هو
الأحد ولن أذهب للعمل. تعال متأخرا بعض الشئ " قبلت الغرباوية ، ووضعت يدها لحظة على
وجه الولد مبتسمة ودخلت بيتها المضيء .
فى الصباح ، سمعت صوت السيارة فوق ممشى الحديقة . كانت لاتزال فى غرفتها . فتحت
النافذة وراقبته يوقف السيارة بمهارة فى مكانها الذى أشار إليه الجناينى . فتحت النافذة ، لكنها لم
تهبط . كانت قد قررت ذلك حينما استيقظت قبل وصوله بساعة وهى تتناول الشاي والبسكويت فى
فراشها " اللعنة .. لن أستطيع فعل شئ معه ولا أريده أن يحوم حولى متوقعا المزيد وقد تكتشف
كلاب هوايت هول ما يحدث . لكن ما حدث بالأمس كان لذيذا بشكل خاص ولا يمكن تكراره " .
ابتسمت وهى تتذكر سخونه جسده الراقص داخل جسدها . وهى تتذكر كيف تجاوبت عضلات
ردفيها مع حقويه وتفتحتا تبحثان عن جائزتهما . قالت : " دعه يحتفظ بهذه الذكرى الخاصة دون أن
تفسدها الحقائق العارية " . ضحكت وهى تكرر العارية .
حيته بمرح مفتعل . شكرته على " وقته " فى الليلة الماضية وعلى كل شئ كما كررت مؤكدة
. نادت على السفرجى وأمرته أن يقدم له شيئا فى الحديقة . كانت تعلم قسوة ما تفعل ، ففى الحديقة
يشرب الشاي المستخدمون والخدم . قالت لنفسها على كل واحد أن يعرف مكانه فى هذا العالم ،
فهذا هو الأسلوب الوحيد لوضع الأمور فى نصابها بدون توقعات وهمية .
استدارت ودخلت حمامها وهى تحس بالإحباط . قالت لنفسها " القحبة تظل قحبة " ..
غطست فى البانيو الذى ملأه السفرجى بالماء الفاتر .
حينما حكى للغرباوية ما حدث ، قالت له بحكمتها العميقة : لا تتوقع الكثير . كانت تلعب معك
منذ ساعات ، وحينما استيقظت فى الصباح حاولت أن تنسى ما فعلته بها وما فعلته معك . قال : "
طرق الخواجيات " أحست بألمه ، فقالت : " بل طرق معظم النساء " ، أضافت بعد لحظة " كان
عليك ان تسحبها ، فى ساعتها حينما سخنت هى ، إلى الخلاء وتكمل ما بدأتماه . كان يمكن أن أشير
عليك بذلك ، وأنا متأكدة من قبولها ورغبتها ، لكنها كانت ستقول لنفسها فى الصباح أنك استغليت
سكرها وهى لم تكن سكرانة ولكنها ستقنع نفسها بذلك وبعدها سوف تنسى الأمر كله ، ولن تريد أن
تراك مرة أخرى " . سألها الولد وجلا " وأنت " . لم تجبه مباشرة بل ربتت على فخده ، وابتسمت .
حينما رجع مرة أخرى للموضوع بعد أيام ابتسمت الغرباوية وقالت : " ما يهمك . شنو يعنى
لما تشرب الشاي فى الجنينة ما أحسن لما تديك بقشيش ؟ " .
قالت لنفسها : أخضر .. وليد أخضر ..كان عاوز البقشيش حقه من تحت الفستان . وضحكت
شامته بعض الشئ .
قالت له بعد ذلك أنها لا تمانع فى أن يفعل ما يريده مع أى امرأة يريدها بشرط موافقتها هى .
فهم هو مقصدها فهي مازالت تعيش بقانون الجبل .. ذات القانون الذى يعيش هو به .
الولد له اسم مثل كل الناس : أببكر تاج السر . اصدقائه وأهلة ينادونه بكر أحيانا ، والسر
أحيانا أخرى . لم يستطع أن ينسى ليلة العرس ، وأرداف المرأة البيضاء تتراقص داخل حقويه ،
تنضم وتنفتح بين ساقيه .. لم ينسى الرائحة التى انبعثت منها .. من جسدها .. من شعر إبطيها . من
أنفاسها .. لم ينسى مسام عنقها ، والشعر الأشقر الملموم فوق الرقبة ورائحته ، ولم ينسى ضمة
أصابعها القوية على يديه ن ولم ينسى الإحساس بلحمها العاري تحت الأكمام القصيرة لفستانها ،
ولا اللحم الذى أحس به دافئا متماسكا تحت الثوب مابين الخصر والبطن ، ولا تلك اللمسة الأخيرة
حينما وضعت يديها فوق وجهه الحار ، ولا نظرة عينيها حينما ضبطها تنظر محدقة شبه مبتسمة
وشبه حالمة لما بين ساقيه تحت الشورت الأبيض الضيق . قالت له الغرباوية : لماذا لم تأخذها
للخلا . لم يقل لها إنه خاف منها .. من البيضاء حينما أحس بالحرارة المنبعثة من ردفيها تصهر
حقويه ، من الضمات السريعة القوية للردفين بين ساقيه ومن الرائحة التى انبعثت فجأة من جسدها
حينما تصالب فى ضمة طويلة قاسية والرعشة السريعة المفاجئة التى صاحبت الرائحة . لم يستطع
أن يقول لها شيئا ، فقد تعلم خلال علاقته بها أن لا يقول كل شيء . تعلم أن هناك بضعة أشياء
يحتفظ بها الرجال لأنفسهم بعيدا عن أمهاتهم وشقيقاتهم ونسائهم ، مهما كن حانيات وقريبات منهم
" فاهمات " لهم . لم يقل لها أنه استدعاها بعد ذلك فى أحلامه رغم خوفه منها ، وأنه حينما نام مع
الغرباوية فى فجر ليلة العرس احتل جسدها الأبيض جسد الغرباوية السمراء ، ورائحتها التى
مازالت فى أعطافه رائحة جسد الغرباوية المدهون بالمسك . لم يقل لها أنه لم يعرف سبب خوفه
منها سوى ما قاله صاحبه حينما حكى له عنها من أنها امرأة " قوية " تأكل الرجال فى الفراش ،
وتمتص قوتهم ، خاصة وأنها تكبر كثيرا فى العمر . لم يقل لها أنه ذهب فى الصباح حينما أرجع
السيارة خائفا من أنها قد تناديه إلى فراشها ، وأنه لن يستطيع الإ أن يطيعها ، وأن يجعلها تفعل به
ما تريد .. لم يقل لها أنه رغم إحساسه بالراحة من عدم دعوتها له ففد أحس أيضا بالخيبة. كان يريد
أن يرى عريها ، وأن يتأمل الشعر الذهبي الداكن تحت إبطيها ، وأن يتأكد من كل أحلامه ومن كل
ما يسمعه عن أجساد النساء البيض .. مرة واحدة تحت ضوء النهار ، وأن يتأمل لون جسده بالقرب
من لون جسدها ، أن يكون ذلك فى فراشها الذى لم يره ، يتخيله من الوصف الدقيق الذى وصفته
به الغرباوية حينما تجلس معها تسامرها فى غرفة نومها .
لذلك حينما قالت له الغرباوية بعد شهر من ليلة العرس أنه سوف يأتي معها فى الغد إلى بيت
البيضاء لم يتحمس ؛ بل سأل بحذر " لشنوه " .. أجابت الغرباوية بابتسامة صغيرة وهى تحدق فى
عينيه " ما فى سبب لازم يكون فيه سبب يا زول ".
وهكذا راح معها للبيت متضجرا متهيبا ، وه يعرف أنه لن يستطع عصيان الغرباوية .
" روث " رجعت متأخرة من العمل . فى البدء لم تتذكره جيدا ( فكل الأولاد من الأهالى
يشبهون بعضهم البعض .. اللعنة من يهتم ؟ ) ولكنها تذكرته حينما تحدثت قليلا مع الغرباوية التى
كانت تجلس مرتاحة على الأرض ؛ بينما يجلس " الولد " على مقعد خيزرانى بعيدا - بعض الشئ -
عن دائرة الضوء من المصباح الصغير المعلق فى الطرف الآخر من الفراندة. لم تكن روث تحس -
يومها - بالرغبة فى شئ محدد ؛ منهكة من عمل يوم طويل ، تحلم بحمام رطب وبكأس من
الويسكي وبغليونها وهى متمددة على الأريكة فى ضوء القمر بعد أن تطفئ المصباح . لاحظت
الغرباوية بسرعة مزاجها .. ابتسمت لها بفهم وحنو . قامت إلى الحمام تملؤه ( فاليوم إجازة
السفرجى ) . وأحست روث بالخجل و الامتنان ، وقفت تثرثر معها بالقرب من باب الحمام ،
وطلبت من الولد أن يساعدها من مكانه فى الترجمة ( فقد أحست بالكسوف حينما قادتها الغرباوية
الى الحمام ) ، ولم تتركها بل وقفت مبتسمة وساعدتها فى خلع ثيابها ( لم تحس روث بالحرج منها
بعد ليلة التدليك ) بل وصبنت لها جسدها ، ثم تركتها بعد أن واربت الباب وذهبت إلى المطبخ تجهز
الثلج والويسكي .
السر يتابع بأذنه وبطرف عينيه ما يحدث ، لكنه طوال الوقت لم ببادئ روث بالحديث ولم
يوجه لها حديثا مباشرا سوى الترجمة التى قام بها بينها وبين الغرباوية . لم يكن منزعجا فى مجلسه
. ولم يكن مرتاحا فقد بدأت تتملكه حاله من القلق والانتظار، وهو يراقب الغرباوية تتحرك بثقة بين
الحمام والمطبخ لتجلس أخيرا على أرضية الفراندة ، وقد أزاحت ثوبها كاشفة عن جزء كبير من
صدرها وذراعيها وفخذيها . نظر إليها ولم يعلق . نظرت هى إليه وابتسمت تلك الابتسامة التى
يعرفها جيدا حينما تقدم الغرباوية على أمر أو على مشاجرة .. تلمع العينان الذهبيتان بوهج أصفر
فيضئ الوجه كله كقمر أسود ، وينتفخ الأنف القوى يلتهم حفنات من الهواء ، وتنفرج الشفتان
السميكتان الغليظتان عن صفين من الأسنان البيضاء القوية يتحرك بينهما طرف اللسان الأحمر
حركة سريعة مفاجئة تسمر الرائي .
قدمت روث للفر انده حافية ، تضم على جسدها روب الحمام الواسع الأزرق وقد شدت
الحزام حول وسطها ، ولم تحكم شده خوفا من أن يكشف امتلاء وسطها ، لكنها ضمت مقدمته جيدا
فوق صدرها تغطيه وتبرز قوته ، فى الوقت نفسه ، من خلف النسيج السميك . كان الروب يصل
بالكاد إلى ركبتيها ، لهذا حينما جلست مسترخية على الأريكة ، شدته إلى ما بين ساقيها ضامتهما
عليه ، مبرزة فى الوقت نفسه على الرغم منها الاستدارة المكتملة السميكة لردفها وفخذها . ضمت
ساقيها تحتها ، واستندت بظهرها على الأريكة ، وتناولت كأس الويسكي بالثلج من الغرباوية التى
ناولت " السر " كأسا آخر وانشغلت هى بتعبئة الغليون العاجى بالبانجو الطازج الذى أحضرته معها
. تنهدت روث حينما رشفت رشفتها الأولى وشمت رائحة البانجو المحترق ، وقالت هامسة : " لو
يطفئ أحد النور ! " قام " السر " وأطفأ المصباح الكهربائي ؛ فغمر ضوء القمر الفراندة ملقيا ظلالا
بيضاء ومغبشة على الناس والأشياء التى بها ، وأيضا على أهداف ونيات ( وبالتالي ) على قرارات
اؤلئك الذين تواجدوا بها فى تلك الليلة .